في التسعينيات من القرن الماضي بدأ بيتر آر سميث العمل على نموذج تسويقي هام وتطويره خلال هذه الفترة، حتى تم تقديمه بشكل كامل في عام 1998، ومعها تم الإعلان عن نموذج SOSTAC كأحد أهم النماذج التي يتم استخدامها في التسويق وفي التخطيط للأعمال التجارية بشكلٍ عام، حيث يتكون من 6 أجزاء رئيسية يتم العمل عليها حتى الخروج بالخطة التسويقية المثالية.

لماذا حصل نموذج SOSTAC على كل هذا التقدير؟

يعد السبب الرئيسي وراء نجاح نموذج SOSTAC هو أنّه يوفر هيكلة واضحة للعمل يمكن مشاركتها بين أفراد الفريق وتطويرها سويًا، كما أنّه يسهل التعامل معها بكونها مرجعًا رئيسيًا يمكن الاستفادة منه في فهم سير العمل في أي وقت، إمّا في الخطة العامة أو في التسويق بالتحديد.

لهذا السبب قال عنه فيليب كوتلر -والذي يعتبره الكثير بمثابة الأب الروحي للتسويق- بأنّه نظام دقيق للمرور بالخطوات وبناء خطة تسويق فعّالة.

حيث يعتمد إطار عمل النموذج على تقديم خطوات التخطيط الناجح، بدءًا من التحليل، ومرورًا بالاستراتيجيات وطريقة تنفيذها، وختامًا بكيفية متابعة الخطة لإدارة النتائج.

كيف تعمل سوق الأسهم اليوم؟ مراجعة كتاب The Ponzi Factor

تحليل الوضع الحالي (Situation Analysis)

أين نحن الآن؟ هذا هو الهدف باختصار من تحليل الوضع الحالي للشركة.

يمكن تقسيم عملية التحليل إلى أركان رئيسية تهم العملية التسويقية:

  1. تحليل الشركة: ما هي المميزات والعيوب في سير العمل والفريق الذي يعمل معك حاليًا؟ فهم هذه الأشياء يساعد في تكوين صورة عن إمكانيات الشركة والعاملين بها، بحيث يمكن اختيار أهداف متوافقة مع هذه الإمكانيات، أو العمل على تطويرها قبل البدء.

  2. تحليل المنتج: ما هي نقطة البيع الفريدة التي تملكها في مشروعك والتي تجعل عملاءك يفضلون التعامل معك، وهل يوجد أي تحسينات يمكن القيام بها لجعل المنتج مناسبًا أكبر لاحتياجات العملاء.

  3. تحليل العملاء: من هم العملاء الحاليون للشركة؟ ما مدى رضاهم عن الأداء؟ وهل توجد لديهم أي ملاحظات على المنتج أو الخدمة المقدمة بواسطة الشركة؟ كيف يقومون بعمليات الشراء؟

يمكن لتحليل العملاء أن يقدم لك صورة أوضح عن الفئة المستهدفة وكيفية تفاعلهم معك، يعتبر هذا شيئا هاما ليمكنك من خلاله بناء خطة التسويق.

  1. تحليل المنافسة: ما هي المميزات التي يملكها المنافسون والتي تجعل العملاء يذهبون للشراء منهم بدلًا منك؟ وما هي الحصة السوقية التي يملكها كلٌ منهم في السوق؟

  2. تحليل بيئة عمل الشركة: هل توجد فرص معينة يمكن الاستفادة منها في الواقع من حولك؟ من ناحية أخرى هل توجد مخاطر تهدد استمرار عملك بنجاح؟

يمكنك أن تضيف إلى عملية التحليل أي عناصر أخرى تريدها، حيث المهم أن تخرج منها في النهاية بالإجابة على سؤال أين توجد الشركة الآن.

الأهداف (Objectives)

بعد تحليل الوضع الحالي، أين نريد أن نكون في المستقبل؟ ما هي الأهداف التي نريد تحقيقها في التسويق؟ سواءً على المدى البعيد في السنوات التالية، أو على المدى القريب خلال الفترة القادمة.

من الأهداف قريبة المدى التي ذكرها بيتر آر سميث:

  1. البيع: زيادة نسبة المبيعات والحصة السوقية للشركة.

  2. الخدمة: إضافة قيمة أكبر لما يحصل عليه العملاء.

  3. التواصل: الدخول في تواصل مباشر مع العملاء والحديث معهم.

«أمازون» تهدي جيف بيزوس وطليقته 22 مليار دولار في أسبوع !

وقد تكون هناك أهداف أخرى أيضًا مثل التوسع والانتشار للوصول لقاعدة أكبر من العملاء، فأيًا تكن الأهداف التي تسعى إلى تحقيقيها، من المهم أن تكون قابلة للقياس ومحددة بفترة زمنية، حتى يمكن تقييم مدى فاعليتها عند نهاية الفترة.

الاستراتيجيات (Strategies)

كيف يمكن أن نصل إلى ما نريد؟ فالأهداف لا تتحقق بدون تخطيط دقيق، وهذا دور الاستراتيجيات التي يتم وضعها لتحقيق الأهداف.

يجب أن تكون هناك استراتيجيات لكل هدف تسويقي تم وضعه، مع التأكد من فاعلية هذه الاستراتيجية في تحقيق الهدف، ومن الجيد كذلك أن تضع أكثر من استراتيجية للهدف الواحد.

يعتبر هذا الجزء هو الأكثر صعوبة في النموذج، لأنّه المحرّك الرئيسي لبقية العناصر القادمة، والتي ستهدف إلى تحويل الاستراتيجيات إلى الواقع الفعلي، فإذا كان هناك أي خلل في الاستراتيجية، حتى مع تنفيذ مثالي، فإن النتائج لن تحقق للشركة الأهداف التي تريدها.

فمثلًا بخصوص هدف البيع، قد تكون الاستراتيجيات المستخدمة هي: التجارة الإلكترونية، التسويق عبر البريد الإلكتروني، التسويق بالمحتوى، كتابة الإعلانات.

التكتيكات (Tactics)

بينما تقدم الاستراتيجيات صورة شاملة عن طريقة العمل على الأهداف، فإن التكتيكات توضح الطريقة المثلى لتنفيذها، من خلال الإجابة على سؤال: ما الذي يجب فعله تحديدًا لتنفيذ الاستراتيجيات والوصول إلى الأهداف؟

في التكتيكات نحن في حاجة لفهم الأدوات والموارد التي نملكها في الشركة بالفعل، فهي التي ستساعدنا في تنفيذ الاستراتيجية، فحيث توجد العديد من الوسائل، سيتم اختيار المتاح والمناسب مع الشركة فقط.

من المهم أيضًا أن يتم وضع أكتر من تكتيك لتنفيذ الاستراتيجية، حتى يكون هناك ضمان لكفاءة التنفيذ، فتنوع الوسائل يؤدي إلى فاعلية أكبر في النتيجة.

مثلًا لو أخذنا استراتيجية التسويق بالمحتوى، فإن التكتيكات التي يمكن الاعتماد عليها هي: كتابة مقالات على المدونة الخاصة بالموقع، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وانستغرام، عمل فيديوهات وعرض دراسات حالة تملكها الشركة.

التنفيذ (Action)

الكثير من الاستراتيجيات، والكثير الكثير من التكتيكات، والسؤال الآن: ما هي خطة التنفيذ؟

يجب أن تكون هناك خطة زمنية محددة، يتم فيها توضيح آلية تنفيذ كل النقاط المذكورة في التكتيكات، حيث لا بد وأن تحتوي الخطة على العناصر التالية:

  1. ماذا: ما هي المهام المطلوب تنفيذها بالتحديد؟

  2. من: من الأشخاص المسؤولون عن تنفيذ كل مهمة؟ وما هي أدوار كلٌ منهم بالضبط؟

  3. لماذا: ما هو الهدف منها؟ أي ما هي الرسالة التسويقية التي يجب تحقيقها من خلال هذه المهمة؟

  4. أين: ما هي القناة التسويقية التي سيتم استخدامها لتنفيذ المهمة؟ هل فيسبوك مثلًا أو باستخدام البريد الإلكتروني؟ يمكن أن يتم تنفيذ المهمة على أكثر من قناة، مع الحرص على صياغة المحتوى بالمتوافق مع كل قناة.

  5. كيف: ما هي الطريقة التي سيتم تنفيذ المهمة بها؟ هل ستكون من خلال فيديو أو مقال أو حملة تسويقية كاملة؟

  6. متى: ما هو الموعد المحدد لتنفيذ المهام؟

الالتزام بالتخطيط لكل مهمة بهذا الشكل، سيجعل تنفيذ الخطة التسويقية أمرًا سهلًا، وسيساعد على إبقاء العمل مستمرا بسلاسة، فلن يحدث تشتت نتيجة عدم فهم الأشخاص للمطلوب منهم مثلًا أو تاريخ تنفيذه.

التحكم (Control)

كيف يمكن لنا متابعة الأداء؟ هنا يأتي دور الخطوة الأخيرة من النموذج، من خلال التحكم في العمل والتقييم الدائم للأداء، والتأكد من أن الشركة تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف.

يجب أن يتم وضع نظام للتقييم بشكل دوري بناءً على المهام التي يتم تأديتها، سواءً كان التقييم يوميًا أو أسبوعيًا أو شهريًا، أو حتى لفترات أطول مثل أن يكون كل ربع سنة.

يجب أن يشمل النظام على معايير لقياس الأداء، للتأكد من جودة التنفيذ، وهذا يأتي من كون الأهداف التي تم وضعها في الخطوة الثانية قابلة للقياس، فيتم الربط بين الاثنين في هذه الخطوة للتأكد من الأمور تسير على ما يرام داخل الشركة.

إن لم يسبق لك استخدام نموذج SOSTAC في التخطيط بشكلٍ عام أو في التسويق بشكلٍ خاص، فيمكنك أن تبدأ من الآن في استخدامه للاستفادة من الفوائد التي يمنحها لك إطار العمل الخاص بالنموذج، وأن تهتم دائمًا بتنفيذ الخطوات بشكل متتالي ومترابط، حتى تكون قادرًا على تحقيق أهدافك التسويقية بنجاح.

المصادر:

1  2  3  4   6